بالتوافق مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، زحفت حشود من المصريين إلى الحدود الشمالية الشرقية لمصر في مدن رفح والعريش، تظاهرًا وتنديدًا بالإبادة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
ما لا يمكن التشكيك فيه أن الذين زحفوا إلى هناك هم مواطنين مصريين، ولكن أيُّ مواطنين هم؟ هو السؤال الذي دائمًا ما يتبادر إلى أذهان المُشككين في جدوى تلك التظاهرات وحقيقتها من زيّفها.
يكتسب التشكيك في تلك التظاهرات في رفح شرعيّته حينما نعلم أن عشرات المصريين، منهم مراهقون، يقبعون في معتقلات مصر لأنهم حاولوا التضامن مع فلسطين، وعند النظر إلى النماذج التي تشترك في تلك الفعاليات، والكثير منهم وجوه مألوفة وتكررت على المشاهد التحشيدية التي تنظمها الدولة من فترة لأخرى، نجد أن الدولة المصرية تمتلك آليات وقدرات على تحشيد المواطنين في الشوارع في أي وقت كان.
وأكدت ذلك من قبل، تصريحات الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي، التي حُذفت من الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عن قدرته على “هد مصر بمليارين من الجنيّهات من خلال حشد بلطجية مقابل “باكيته وعشرين جنيه وشريط ترامادول لمائة ألف بلطجي”.
فما هي آليات الحشد التي تمتلكها الدولة المصرية التي تجعل الرئيس واثقًا من قدرته على الحشد في أيّما وقت استطاع؟
وكيف استطاعت هذه الأدوات أن تُحوّل مظاهرات التضامن من أجل فلسطين من ردة فعل شعبية عفوية فيها من البراءة والغضب والمعارضة التي يمكن أن تتجه سهامها إلى النظام كما إسرائيل، إلى مظاهرات يشكلها مجموعة من الأشخاص المرتبطين بشبكات البلطجة والفقراء المنخرطين في مشاريع الترقي الاجتماعي التي تنظمها الدولة في “حياة كريمة” وغيرها، وموظفي الحكومة وأعضاء اتحاد الطلبة في الجامعات الحكومية لتخرج بهذا الشكل المسرحي الشعبي الرديء على نمط “الفودفيل” الذي لا يأبه كثيرًا بأن يرقص ويطبل ويغني، بينما على بعد كيلومترات تواصل آلة الدمار الإسرائيلية الإثخان في الشعب الفلسطيني؟